موقع منتديات نور الزهراء الساطع
أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمــات، . كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

موقع منتديات نور الزهراء الساطع
أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمــات، . كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
موقع منتديات نور الزهراء الساطع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير منّة المنّان ـ الجزء الثالث ـ

اذهب الى الأسفل

تفسير منّة المنّان ـ الجزء الثالث ـ Empty تفسير منّة المنّان ـ الجزء الثالث ـ

مُساهمة  المدير العام الأحد يناير 30, 2011 11:49 pm

مِنةُ اَلمنَان في الدفاع عن القرآن
تأليف : السيد محمد الصدر
الجزء الثالث
{سورة الناس}

يقع الكلام في تسميتها , فأن لها عدة أطروحات :
الأولى في تسميتها المشهورة : الناس . من حيث أن المفروض تسمية السورة بأي لفظ وارد فيها . وهذا منها .
الثانية : ما سار عليه السيد الشريف الرضي في كتابه : حقائق التأويل . فنقول : السورة التي ذُكر فيها الناس .
الثالثة : ما اقترحه بعضهم من تشخيص السورة بالترقيم ورقمها بحسب التسلسل القرآني الحالي 114 .
الرابعة
: تسمية السورة بأول جملة فيها فنقول سورة : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ
النَّاسِ) (الناس:1) وأما الكلام عن البسملة , قد سبق , وبه نستغني عن
تكراره في صدر كل سوره .
سؤال : قل .ما هو الموجب لذكرها هنا ؟
جوابه : أنه ورد لفظ قُل في القرآن الكريم (332 ) مرة (1) . وأعتقد أنها وردت لثلاث أغراض :
*
الغرض الأول : التبليغ إلى الناس . ومنه قوله تعالى : (قُلْ يَا أَيُّهَا
النَّاسُ (لأعراف:158) )قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا
دُعَاؤُكُمْ )(الفرقان: من الآية77)
* الغرض الثاني : نفع المأمور
بالقول أي القائل له . حيث يأمرنا الله سبحانه أن نقول : الله أحد الله
الصمد لنفعنا . ولأجل أن نعرف التوحيد وأن نعرف نسبة الرب , ونحو ذلك .
*
الغرض الثالث : عدم مناسبة نسبته إلى الله سبحانه . فالاستعاذة إنما هي
للمخاطب دائماً . وهي شيء أدنى من ان ينطق بها الله سبحانه عن نفسه . لانه
تعالى منيع لا يتضرر ولا يخاف .
وهذا هو الفرق بين المعوذتين وسورة
التوحيد .فأن الله تعالى شهد لنفسه بالتوحيد في قوله : (شَهِدَ اللَّهُ
أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ
...)(آل عمران: من الآية18) لأن التوحيد أن ينطقه الخالق والمخلوقات معاً
. فالله يقول : اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ) بينما الاستعاذة خاصة
بالمخلوق . فلا بد أن تكون لفظة قُل : موجودة .
وعلى أي حال , فكلا
الغرضين الأخيرين متحققان لنا , في هذا المورد . فلا يمكن حذف قُل . بخلاف
مثل قوله تعالى : )الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2)
وقوله : )سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الحديد:1)
(سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الحشر:1)
(سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الصف:1)
ونحوها من فواتح السور , فأنه يناسب صدورها من الباري نفسه .
سؤال
: قالوا في علم الأصول : أن صيغة الأمر ظاهرة في الوجود . ومن المعلوم أن
(قُل ) هي من صيغة الأمر فهل ظاهرة بالوجوب أو في مطلق المطلوبية , أعني
الأعم من الوجوب والاستحباب ؟
جوابه :أنه يمكن إقامة عدة اطروحات على أن قُل لا تدل على الوجوب .
الأطروحة
الأولى : أن المراد منها الأثر الوضعي ( الدنيوي أو الأخروي ) وهو دفع
الشر , والاستعاذة بالله من حصوله . وليس المراد منها الحكم التكليفي .
والوجوب هو حكم تكليفي لا وضعي . فلا تكون دالة عليه .
الأطروحة
الثانية : أن صيغة الأمر إنما يراد بها الوجوب , في ما لا يقع في مورد
احتمال الحظر .واما إذا كان في ذلك المورد , فيراد بها الاباحه كما في
قوله تعالى : ( وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا )(المائدة: من الآية2) أي
يجوز لكم الصيد ,لا أنه يجب عليكم.
فإذا التفتنا ان احتمال الحضر موجود
في مورد الآية. فانه قد يتصور الإنسان انه لا يجوز له أن يستعيد من الشر
أو الخطر، بل يجب عليه التسليم والرضا بقضاء الله سبحانه، أو قد يعتبر ذلك
شكلا من إشكال إساءة الأدب أمامه سبحانه . فجواباً على ذلك يُجيز لنا الله
تعالى أن نستعيذ به عندما نقع في ضرر أو ضرورة .
أذن , فالاستعاذة هنا في مورد احتمال الحظر , فيكون الأمر بها دالاً على الإباحة لا على الوجوب .
الأطروحة
الثالثة :إن هذا بمنزلة المر التقديري أو التعليقي . وليس صريحاً . كما لو
قال : إذا أردت الاستعاذة فقل كذا . فيكون معلقاً على أمرٍ غير واجب فلا
يكون للوجوب . كما لو قيل : إذا أقمت للنافلة فتوضأ وإذا أكلت فقل بسم
الله . وهنا : إذا وقع عليك الشر والضرر فقل أعوذ برب الناس . فهو ليس
ابتدائياً , بل هو منوط بشعور الفرد بالخوف والعجز والحاجة . والمفروض
بالمؤمن أن يكون دائم الشعور بالحاجة إلى الله سبحانه .
إن قُلتَ :
أن هذه التعليقة لا تنافي الوجوب , بل تكون موضوعاً له . كما في قولنا :
إذا استطعت فحج . قلنا : إن ذي المقدمة لما لم يكن واجباً , لم تكن
المقدمة وأجبة . وهنا ليست الاستعاذة إلزامية في نفسها .ولا يحتمل وجوبها
في الارتكاز المتشرعي , فلا يكون النطق بها وأجباً أيضاً . وهذا قرينة على
أن ( قُل ) ليست للوجوب , وانما هي للحكم الوضعي أو للاستحباب أو لجامع
المطلوبية بعنوان إظهار الضعف والخضوع أمام الله سبحانه . قال الله تعالى
: ( وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا
يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً)(الفرقان: من الآية3) .
إذن , وفعل الآمر هذا لا يدل على الوجوب من الناحية الفقهية . وأن كان
دالآ عليه من الناحية الأخلاقية .
فأن قلت : أن قراءة السورة والاستعاذة بها مقدمة لدفع الخطر فينبغي أن نحمل ( قُل ) على الوجوب لا على الاستحباب .
قُـلت ُ : جواب ذلك من عدة وجوه :
الوجه
الأول : أن هذا يختص بالخطر الواجب الدفع . وهو المتصف بأمرين : أن يكون
داهماً وعظيماً وأن يكون ممكن الدفع . وليس كل خطر ممكن الدفع على أي حال
. فإذا لم يكن الخطر كذلك لم يكن واجب الدفع . فلا تكون مقدمته وهي
الاستعاذة واجبة .
الوجه الثاني : يختص الوجوب – على تقدير ثبوته – بما
إذا كانت قراءة السورة مؤثرة في دفع الخطر عنه .وذلك فيا إذا كان الإنسان
بدرجة عالية من درجات اليقين . وأما لو كانت قراءته لها غير مؤثرة , كما
هو الحال في أغلب الناس , فلا تكون مقدمة لدفع الخطر , فلا تكون قراءتها
واجبة .
الوجه الثالث : أنه بعد التنزل عن الوجهين السابقين , قلنا
أن (قُـل ) هي لجامع المطلوبية , فأن استعملت للحصة الاستحبابية كانت
مصداقاً للجامع , وإذا استعملت بالحصة الوجوبية كانت مصداقاً له أيضاً .
وكلاهما أستعمل حقيقي بنحو الاشتراك المعنوي , وليس بنحو الاشتراك اللفظي .
ونظيره
من القرآن قوله تعالى : ( إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ )(المائدة: من الآية6) . لدى تطبيقه على الفريضة تارة وعلى
النافلة أخرى .
سؤال: لماذا نُسبت هذه الأسماء الُحسنى إلى الناس ,
وأختص بذكرهم دون غيرهم , كالعالمين . فقا تعالى : إِلَهِ النَّاسِ , ولم
يقل اله العالمين , مثلاً , وكان التركيز على الناس ثلاثاً في السورة .
جوابه :من عدة وجوه :
أولا :عدم وجود كلمات لغوية عديدة تناسب التناسق السيني الموجود في السورة الكريمة , إلا الناس والخناس .
ثانياً
: الاهتمام والتركيز على الناس ,لان الاستعاذة إنما هي لهم لا للملائكة
ولا للحيوانات . لان الملائكة أعلا من الشعور بالخوف والحيوانات أدنى من
ذلك .
ثالثاً : أن كل رحمة أنما هي لموضوعها , والاستعاذة رحمة ,
وموضوعها الناس . وذلك لاجل العموم والخصوص , فالعموم للناس كلهم والخصوص
بهم دون سواهم .
فالاستعاذة تكون معقولة من زاويتين : من زاوية العبد
لكونه مستعيذا . ومن زاوية الرب سبحانه لأنه عائذ وراحم ومجيب الدعاء .
فيجيب دعاء العبد بصفته واحداً من الناس .
رابعاً : أن هناك مصلحة في
تكرار كلمة الناس في زيادة التركيز والاهتمام بهذه الطبقة التي تدعي
الكمال وليس الكامل , فالكاملون (وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ)
(الأحزاب:39) ولا تخطر في ذهنهم الأسباب والمخاوف الأخرى ليجدوا حاجة إلى
الاستعاذة ,وانما الاستعاذة للمتدنين ثقافيا وإيمانيا وعمليا ,وهم من يشعر
بالخوف من الأسباب , وهذا من درجات الشرك الخفي .
قال الله تعالى : (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (يوسف:106)
وقد أشرنا إلى نكتة يحسن ذكرها هنا :
وهي
أن لفظ الناس استمله في القرآن الكريم وأراد به البشر المتدنين في الإيمان
والثقافة والمقتربين إلى الذنب والرذيلة ,قال تعالى : ( إِنَّ النَّاسَ
قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ)(آل عمران: من الآية173) ,وكلا
الاستعمالين للناس هنا كذلك .والأعم الأغلب من الآيات القرآنية التي ذكرت
الناس كذلك .فإذا استطعنا القول أن الأعم الأغلب يكون قرينة على غيره
,فيكون ذلك قرينة على أن المراد بهم في هذه السورة أيضاً ذلك .
ولان
الله سبحانه وان كان هو اله الناس , وملك كل الناس ورب كل الناس , بمختلف
مستوياتهم ,الا أن الذي يقصد الاستعاذة هو الذي يشعر بالخوف ,وهم طبقة غير
عالية في درجات اليقين .
سؤال : لماذا كرر الناس عدة مرات ,ولم يعد الضمير لهم في المرتين الأخيرتين ؟ (1)
جوابه
: مضافا الى ما قلنا في أجوبة السؤال السابق من ضرورة حفظ النسق القرآني
السيني أولا .وبيان الاهتمام والتركيز على الناس ثانياً , وحفظ السياق
القرآني في السورة ثالثا ,وحفظ الذوق العام اللطيف رابعا ً .
مضافاً
الى كل ذلك , قال صاحب الميزان (2) ( وبذلك يظهر تكرار الناس من غير أن
يقال :ربهم ألههم وملكهم . فقد أشير الى كلا من الصفات الثلاثة , يمكن أن
يتلق بها العوذ وحدها من غير ذكر الآخرين لاستقلالها ) أي استقلاليتها في
دفع الشر, فكل واحد منها له استقلالية , وانما اجتمعت كلها لمزيد الرحمة
والعطاء , ولو ذكر الضمير لكان جملة واحدة أو شيئاً مجملاً , فاقداً
للاستقلالية .
هذا مضافاً إلى وجهين آخرين محتملين :
الوجه الأول : إن هذه الأسماء الحسنى إنما تكون مؤثرة في الاستعاذة إذا أسندت إلي الظاهر دون الضمير.
الوجه
الثاني : أنها لو أسندت إلى الضمير ,أقتضت التعاطف بالواو. بأن يقول : رب
الناس والههم وملكهم ونحو ذلك . ولا معنى لحذف الواو عندئذ .مع العلم أن
الحكمة أقتضت حذفه فلزم ذكر الظاهر من أجل ذلك .
سؤال :لماذا ذكرت السماء الثلاثة , ولم يكتف بواحد منه ؟
جوابه : من عدة جهات منها :
أولاً
:ما أشرنا اليه من زيادة الرحمة في البشر المستعيذين من الشر .من حيث دفع
أن دفع الشر وان كان يحدث في واحد من الأسماء إلا أن دفعه ثلاث مرات أو
بثلاث أسماء أوكد وأشد وأسرع .
ثانياً : زيادة التركيز لذات الله
سبحانه .فهو اله ورب وملك ,وقد يجمع هذه الصفات كلها لنفسه ,وكان من
الحكمة التنبيه على ذلك , قال تعالى : (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ
الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)(الزمر: من الآية6)
ثالثاً : وهو ماندفعه كأطروحة لدفع الاستدلال المقابل :
ان
هذه الاسماء قد تكون مفردة , كما هو مشهور المفسرين , وقد تكون مركبة .
فاله أسم مفرد. ولكن (إِلَهِ النَّاسِ) أسم أخر وكذلك (مَلِكِ النَّاسِ) و
( بِرَبِّ النَّاسِ) . أذن يوجد ثلاث في السورة أسماء مركبة .
وهنا لابد من ضم فكرة أخرى كأطروحة أيضاً .وهي :
أن
الأثر لا يؤثر ولا يحصل إلا بضم هذه الأسماء الثلاثة كلها . فلا بد من
الاستعاذة بهذا المجموع كمجموع لكي يندفع الشيطان الرجيم .في مقابل مارجحه
صاحب الميزان (3) واشرنا اليه قبلا من استقلالية هذه الأسماء , وتأثير كل
واحد بمفرده .
سؤال : لماذا حذف الواو من العاطفة بين هذه الأسماء الثلاثة ؟
جوابه :من وجوه :
أولا:
أنه هو الأنسب بالذوق والسياق القرآني .ويكفينا أن نلتف الى صورة ما اذا
كانت الواو عطفة موجودة . فكم سيكون السياق مخالفاً للذوق ؟
ثانياُ: أن المسألة اختيارية للمتكلم , وقد أشرنا في المقدمات ,أننا لاليس لنا أن نعترض على المتكلم فيما يقول , أياً كان .
رابعاً
: ما أشار أليه الطباطبائي في الميزان (4) أنه لاجل جعل كل من هذه الصفحات
هي بسبب مستقل من التأثير ,بينما لو عطف بالواو ,لكان السياق مشعراً بأن
المجموع هو المؤثر .
...............................................
(1)كما قال الراغب :اعوذ برب الناس ملكهم والههم
(2)انظر :ج20 ص 396 .
(3) الميزان ج 20 ص 396 .
(4) المصدر والصفحة .
قوله تعالى : (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) .
الوِسوَاس
ِ بالكسر مصدر أو صفة مشبهة : حديث النفس ,كالصوت الخفي الذي يشعر به
الفرد في داخله كالوسوسة . وأما بالفتح فلا يمكن أن يكون بنفس المعنى ,
وإلا كان مخلاً بالاشتقاق , على ما سيأتي .
والخناس صفة مبالغة
بالخُنُوس,بمعنى الأختفاء بعد الظهور , يعني: كثير الاختفاء بعد الظهور
.وهو ملازم لكثرة الظهور ايضاً ,لانه إذا قل ظهوره عدداً قل خنوسه أيضاً .
سؤال : لماذا خص الشر بالذكر ؟
جوابه : لأن أصل وجود الشيطان لنفسه نعمة وخير .ولا تكون الاستعاذة من ذات الشيطان ,بل من تأثيراته السيئة على الإنسان .
فأن قلت : فإننا نقول كما ورد (1) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .فيكون من ذاته لا من شره .
قلنا : إذا لم يكن الشر مذكوراً فهو مقدر ومقصود لامحاله . لعدم الداعي إلى الإشارة إلى الشيطان بصفة أحد الموجودات فحسب .
سؤال : الوسواس, مصدر-كما عرفنا – بمعنى حديث النفس فينبغي أن يكون بالكسر . مع أنه ورد في القرآن بالفتح . ؟
جوابه :أولاً :أن المصدر قد يفتح وقد يكسر في اللغة .
ثانياً
:أن الوَسوَاسَ بالفتح , ليس معناه المصدرية , بل هو صيغة مبالغة من أسم
الفاعل أي الموسوس .وهذا أقرب إلى الحدس فلذا لا نظطر إلى تقدير مضاف أي
:ذي الوسواس كما ذكروا,فمعنى الوسواس الخناس :الموسوس الخناس .
وإذا
قلنا أن الوسواس , بالفتح , بمعنى الوسواس بالكسر .وهو معنى مصدري .
فسيكون الآلف واللام داخلاً على المضاف .وهو باطل . وبالإيضاح : يكون
بمعنى وسوسة الخناس . ودخول الآلف واللام على المضاف غير ممكن في اللغة .
اللهم
, إلا إذا لم يكن بمعنى المصدر , أو يكون بتقدير (ذي ) أي ذا الوسوسة
الخناس . بينما يكون بناء على ما ذكرنا بمعنى الموسوس والخناس صفة أخرى
,وليس مضافاً إليه . في الرواية في مصار الفريقين (2) : أن الشيطان جاثم
على قلب كل إنسان , فإذا ذكر الله خنس , وإذا غفل وسوس . والوسوسة كلام
يشعر به الإنسان في ذاته , لذا يقول الشاعر :
أن الكلام لفي فؤاد وانّما جعل اللسان على الفؤاد دليلاً
فالإنسان يستطيع أن يتحدث مع نفسه , ويشعر كأن أحداً في باطنه يتحدث معه . فإذا كان هذا الحديث باطلا , فهو من الوسوسة .
ومحل
الشاهد : أن عمل الشيطان ليس الوسوسة فقط , بل يعمل أعمالا عديدة في باطن
النفس , ولذا كانت الاستعاذة من شره مطلقاً , وليس الأمر خاصاً بالوسوسة .
سؤال
: أنه قد يشعر الفرد بأن الاستعاذة من خصوص الوسوسة لا من مطلق أعمل
الشيطان :وذلك من قبيل قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ
لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ )(إبراهيم: من الآية39) أي
أحمده بهذه الصفة ولاجل كونه فاعلا لهذا الفعل . وإلا فمن الناحية اللغوية
والعرفية , أن ( الذي ) صفة والله موصوف , ولا دخل له بهذه الجهة .
إلا
أن الإشعار العرفي هو أن الحمد بهذا السبب . وفي القرآن والأدعية والسيرة
اللغوية شواهد كثيرة على ذلك. فهل تنطبق مثل هذه الفكرة على قوله تعالى :
مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ . أي من حيثية الوسوسة دون غيرها ؟

جوابه من وجوه :
أولا : أنه يمكن فهم الإطلاق من كلمة (شر) في الآية الكريمة , وهي عامة بكل الشرور وغير خاصة بالوسوسة .
ثانياً
: إيجاد الفرق بين هذه الآية وتلك , من حيث أن قوله تعالى : الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ.مشعر بالخصوصية لوجود أسم
الموصول : الذي . وهو لا يوجد في الآية تتحدث عنها . اذن فهذا الاستشعار
غير لازم .
ثالثاً : أن أهم واوضح أعمال الشيطان هي الوسوسة ,
باعتبار إنها مما يسمع ويشعر بها الفرد .دون باقي أعمال الشيطان . فليس من
المستبعد أن تكون مقصودة وحدها . بعد التنزل عن الوجهين السابقين .
رابعاً
: اننا ينبغي أن نلتفت أنه في الآية ( مفهوم مخالفة ) بحيث يقال : أن
الاستعاذة فقط في الوسوسة دون غيرها . ومعه لن يكون المعنى نفي الاستعاذة
عن غيرها على أية حال .
خامساً : نعرضهُ كأطروحة , باعتبار احتمال
كون الاستعاذة من الوسوسة هي الأساس والسبب الرئيس لدفع الشرور الأخرى .
فإذا اندفعت أنسد الباب عن أعمال الشيطان الأخرى .
قوله تعالى : (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) .
يوجد
أشكال في هذه الآية الكريمة , لعل المفسرين لا يجدون الجواب عليه . وهو ما
إذا كان الشيطان يخدع الإنسان والجن معا. حيث قالوا : أنه لا يوسوس إلا
للأنس . فهل هذا صحيح ؟
قال الطبطابائي في الميزان (1) : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) بيان لوسواس الخناس .
أقول
: مع العلم أن بينهما فاصل آية كاملة , فيكون المعنى على تقدير صحته : أن
الشيطان الذي هو من الجنة والناس ,يوسوس في صدور الناس , أي البشر فقط .
وقال
(2) : وفيه أشار إلى أن من الناس من هو ملحق بالشياطين وزمرتهم . كما قال
تعالى : ( شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ)(الأنعام: من الآية112) .أقول
: فكأن الاستعاذة من كلا هذين القسمين .
وجواب ذلك , ولو كأطروحة احتمالية :
أننا
قلنا : أن الوسواس هو حديث النفس . وهذا قرينة على أن من يقوم هو الشيطان
بالمعنى المعروف . فان شياطين الأنس لا يوسوسون وانما يتحدثون بكلام مسموع
. فلا يكون وسواساً . مضافاً الى أن الخناس هي صفة للشيطان وشياطين الأنس
لا يخنسون . اذن فشياطين غير مقصودين من السورة بل لا بد , بهذه القرائن
المتصلة من حمل { الوسواس الخناس } على الجن . لان الشيطان {كَانَ مِنَ
الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ }الكهف: من الآية50) وهذا يدلنا
على أن السياق ما قالوه من أن الشيطان يؤثر على الإنسان فقط بل أنه يوسوس
في صدور الناس الذين هم ( من الجنة والناس ) فالجنة والناس ليست صفة
منقطعة للوسواس الخناس , كما قال صاحب الميزان (5) , بل هي صفة متصلة
للناس .
..........................
1) ج20 ص 397
2) المصدر والصفحة
5) ج20 ص 397
قال
في هامش العكبري (1) : أن إطلاق ( الناس ) على الجن غير مناسب , وذلك لان
الجن انما سموا بذلك لأختفائهم . وانما يسمي الناس ناساً لظهورهم , وهذا
تهافت .
وجواب ذلك : إننا لا نسمي الناس ناساً لظهورهم , بل لكونهم
أفراد متعددين يشكلون طبقة أو مجتمع أو نحو ذلك ,وهذا موجود في الجن
والأنس معاً , على ما ينقل من صفاتهم . هذا أولاً .

وثانياً : أن الاستعمال يمكن أن يكون مجازياً , في إطلاق الناس على الجن , بعد وجود قرائن سياقية عليه .
فأن قلت: أن الشيطان لا يوسوس في صدور الجن و لانه لا يناسب معهم . وذلك لأمرين :
الأمر الأول : لانه ليس عدوهم , وانما عدو أدم وذريته بنص القرآن (2) ولم يذكر القرآن أنه عدو الجن .
الأمر
الثاني : أن الجن يرونه ,أعني الشيطان , والأنس لا يرونه . قال تعالى
(إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا
تَرَوْنَهُمْ)(لأعراف: من الآية27) .
وإذا رأه الجن استطاعوا أن يربوا
منه لئلا يخدهم . بينما الإنسان لا يستطيع ذلك لانه لا يراه . بل يسمع
كلامه ويطيعه . لانه مناسب لشهواته .
قلت : أما أولاً : فصحيح أن
الشيطان عدو لأدم وذريته . ولكن يمكن القول بأنه عدو لأهل الإيمان خاصة
ايا كانوا من الملائكة أو من البشر أو من أي خلق الله . إذن , فهو عدو
مؤمني الجن لانهم لا يؤمنون بعده وهو الله سبحانه وتعالى .وكل مؤمن بعدو
فهو عدو . كما قيل في الحكمة (4) : عدوك ثلاثة عدوك وعدو صديقك وصديق عدوك
.
ويكون بين مؤمني الجن والشيطان عداوة , لانهم مخلصون لله عز وجل .
وليس في القرآن ( مفهوم مخالفة ) من هذه الحهة . يدل على أنه عدو للبشر
وليس عدو للجن . اذن فعداوته للجن معاً لا مانع منها , كأطروحة .
......................................................................
1) ج2 ص 161
2) كما قال سبحانه : )إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً )(فاطر: من الآية6)
3) الاعراف 27
4) وفي نهج البلاغة مايدل عليه ج4 ص71 ( شرح محمد عبده )
واما
ثانياً : فأن الأمر الثاني خطل من القول , فأن الإنسان لا يهرب ممن يخدعه
من البشر بالرغم من انه يراه , بل يعتبره ناصحاً له وموجهاً . لانه موافق
لرغباته ونفسه الأمارة بالسوء .
فإذا أعترف الطبطبائي , بوجود شياطين الأنس , وهم أعداء كشيطان الجن , إذن فالهرب من كلا الجنسين قد لا يكون متحققاُ .
بل
ظاهر القرآن الكريم أن الشياطين من كلا الجنسين يخدعون كلا الجنسين . قال
تعالى : ( شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى
بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً )(الأنعام: من الآية112) وهذا يعني :
أن السورة التي تعتبرها غريبة , لها نحو من التحقق أيضاً . وهي مكر الأنس
بالجن وخداعهم لهم . وظاهر الآية الكريمة لا يقتصر على مؤمني الجن بل على
شياطينهم أيضا .
الوجوه الأعرابية للآية الكريمة :
قال أبو البقاء العكبري (2) قوله تعالى : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) .قيل هو بدل من شرِّ . أي من شر الجُِنة .
أقول
:أعتبره بدلا لكون الواو العاطفة غير موجودة .فلم يعتبره معطوفاً . وقوله
:قيل , أي أنه قابل للمناقشة .وذلك :لأن البدل هو لفظ انفرادي .وأما كون
الجار والمجرور بدلاً, فهو على خلاف القاعدة .
وإذا سقط ذلك , فيمكن ن
يكون معطوفاً بحذف حرف العطف ,اذا فهمنا أنه مربوط بالشرّ. فيكون بتقدير
أمرين :الواو العاطفة وتكرار الشر :فيكون المعنى :ومن شر الجنة ومن شر
الناش .
وقال العكبري أيضاً (3) : وقيل بدل من ذي الوسواس ,لأن المسوس
من الجنة .أقول :هنا عنوان البداية غير وارد , لأنه جار ومجرور كما ذكرنا
,ويمكن أن يكون صفة أو حالا أو معطوفاً بحرف العطف
.............................
(2) الاملاء ج2 ص 112.
(3) المصدر والصفحة .
وقال (1) هو حال من الضمير في يوسوس أي يوسوس وهو الجنة .
أقول
: أي حال كونه من الجنة والناس .فيكون المعنى :من شر الوسواس الخناس الذي
يوسوس .وهو أم من الجنة واما من الناس .أي الموسوس لا الموسوس له . وهو
ينطبق أحد المعاني التي ذكرها .
وقال (2) وقيل هو بدل من الناس أي أي في صدور الجنة .. وقيل ( من الجنة ) حال من الناس .
اقول
: يكون المعنى أنه يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس .أما بمعنى كون
الناس موصوفين بكونهم من الجنة والناس .واما انه بدل من الجنة والناس .أو
حال كونهم من الجنة والناس . فذلك كله محتمل .ومعناه :أنه سبحانه سمي الجن
ناساً,كما سمي الناس ناساً,أعني البشر .وذلك لا ضير فيه و كما سماهم نفرأ
ورجالاً .
وقال العكبري أيضاً (3) : واطلق على الجن أسم الناس لأنهم يتحركون في مراداتهم .والجن والجنة بمعنى .
أقول : وهذا يعني بلغتنا الحديثة أموراً منها :
أولا : أنهم ذوات عاقلة ومختارة .
ثانياُ : أنهم أيضاً ينقسمون إلى ذكور وإناث ,بحسب النقل الأكيد . كما أنهم يعيشون بالتقريب لا . . بالتحديد, مثل معيشتنا .
فإذا
كان الأمر كذلك , فهم (رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ
الْجِنِّ )(الجـن: من الآية6) وليس . . النساء من الجنسين .
والحق أن الاستعاذة ليس بشيء من الخلق , بل بالخالق جل شأنه, لن الاستعاذة بالخلق نتيجتها الفشل
(
فَزَادُوهُمْ رَهَقاً)(الجـن: من الآية6) وكذلك الاستعاذة بالجن , بل بأي
مخلوق .فان من استعاذ بغير الله فأنه يوكل الى من أستعاذ به . ويفشل
بطبيعة الحال ,لأنه لا يملك لنفسه دفعاً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا
نشوراً . ونما " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ
النَّاسِ " أي بلله لا بأحد سواه .
سؤال :أنه من الملاحظ أن النسق في سورة الناس فيه كلمتان :الناس والخناس .والناس مكررة أربع مرات .فلماذا حصل ذلك ؟
جوابه : له عدة وجوه :
الوجه
الأول :قصور اللغة أحياناً ، كما أشرنا في المقدمة .فانه لا توجد كلمة
ثالثة تختم بالحروف الثلاثة0 ( ناس ) , فتعينت الحاجة إلى التكرار .
الوجه
الثاني : التأكيد . من حيث المصلحة له . يعني أن يكون المقصود في الجميع
وأحداً . باعتبار ذكر الله سبحانه : رب الناس , ملك الناس , اله الناس .
الوجه
الثالث :أن الكلمة وأن أريد بها معنىً وأحداً ,إلا انه بقيدها تصبح ذات
معنى آخر . لأنهم قالوا في الأصول أنه يتكون من النسبة الناقصة مفهوم جديد
مقيد . وهذا من موردها .
.................................
1) المصدر والصفحة
2) المصدر والصفحة
3) المصدر والصفحة
3)تمت هذه السورة والحمد لله رب العالمين

المدير العام
Admin

عدد المساهمات : 45
تاريخ التسجيل : 30/01/2011
الموقع : zahraalight.rigala.net

https://zahraalight.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى